فصل: باب تَعَرُّقِ الْعَضُدِ

مساءً 7 :21
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
28
الأحد
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب الْخَزِيرَةِ

قَالَ النَّضْرُ الْخَزِيرَةُ مِنْ النُّخَالَةِ وَالْحَرِيرَةُ مِنْ اللَّبَنِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الخزيرة‏)‏ بخاء معجمة مفتوحة ثم زاي مكسورة وبعد التحتانية الساكنة راء هي ما يتخذ من الدقيق على هيئة العصيدة لكنه أرق منها قاله الطبري‏.‏

وقال ابن فارس‏:‏ دقيق يخلط بشحم‏.‏

وقال القتبي وتبعه الجوهري‏:‏ الخزيرة أن يؤخذ اللحم فيقطع صغارا ويصب عليه ماء كثيرا فإذا نضج ذر عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة، وقيل مرق يصفي من بلالة النخالة ثم يطبخ، وقيل حساء من دقيق ودسم‏.‏

قوله ‏(‏قل النضر‏)‏ هو ابن شميل النحوي اللغوي المحدث المشهور‏.‏

قوله ‏(‏الخزيرة‏)‏ يعني بالإعجام ‏(‏من النخالة، والحريرة‏)‏ يعني بالإهمال ‏(‏من اللبن‏)‏ وهذا الذي قاله النضر وافقه عليه أبو الهيثم، لكن قال من الدقيق بدل اللبن وهذا هو المعروف، ويحتمل أن يكون معنى اللبن أنها تشبه اللبن في البياض لشدة تصفيتها والله أعلم‏.‏

ثم ذكر المصنف حديث عتبان بن مالك في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، وقد تقدم شرحه مستوفى في باب المساجد في البيوت في أوائل كتاب الصلاة، والغرض منه قوله ‏"‏ وحبسناه على خزير صنعناه ‏"‏ أي منعناه من الرجوع عن منزلنا لأجل خزير صنعناه له ليأكل منه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي فَإِذَا كَانَتْ الْأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ مَسْجِدَهُمْ فَأُصَلِّيَ لَهُمْ فَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي فِي بَيْتِي فَأَتَّخِذُهُ مُصَلًّى فَقَالَ سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ عِتْبَانُ فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ لِي أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ فَأَشَرْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ فَصَفَفْنَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ وَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرٍ صَنَعْنَاهُ فَثَابَ فِي الْبَيْتِ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ ذَوُو عَدَدٍ فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَيْنَ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُلْ أَلَا تَرَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ قُلْنَا فَإِنَّا نَرَى وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيَّ أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ وَكَانَ مِنْ سَرَاتِهِمْ عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودٍ فَصَدَّقَهُ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا من الأنصار أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ كذا في الأصول المعتمدة، ونقل الكرماني أن في بعض النسخ ‏"‏ عن عتبان ‏"‏ وهو أوضح قال‏:‏ وللأول وجه وهو أن تكون ‏"‏ أن ‏"‏ الثانية توكيدا كقوله تعالى ‏(‏أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون‏)‏ ‏.‏

قلت‏:‏ فيصير التقدير أن عتبان أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وما بينهما أشياء اعترضت فيصح كما قال، لكن يبقى ظاهره أنه من مسند محمود بن الربيع فيكون مرسلا لأنه ذكر قصة ما أدركها، وهذا بخلاف ما لو قال إن عتبان بن مالك قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يساوي ما لو قال عن عتبان إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مضى بيان ذلك بأوضح من هذا في الباب المذكور‏.‏

قوله ‏(‏قال ابن شهاب‏:‏ ثم سألت الحصين‏)‏ هو موصول بالإسناد المذكور، والحصين بمهملتين مصغر، وقد قدمت في الصلاة أن القابسي رواه بضاد معجمة ولم يوافق على ذلك، ونقل ابن التين عن الشيخ أبي عمران قال‏:‏ لم يدخل البخاري في جامعه الحضير يعني بالمهملة ثم الضاد وآخره راء وأدخل الحصين بمهملتين ونون يشير بذلك إلى أن مسلما أخرج لأسيد بن حضير ولم يخرج له البخاري، وهذا قصور ممن قاله، فإن أسيد بن حضير وإن لم يخرج له البخاري من روايته موصولا لكنه علق عنه ووقع ذكره عنده في غير موضع فلا يليق نفى إدخاله في كتابه، على أنه قلما يلتبس من أجل تفريق النون وإنما الليس الحصين بمهملتين وقون وهم جماعة في الأسماء والكنى والآباء، والحضين مثله لكن بضاد معجمة، وهو واحد أخرج له مسلم وهو حضين بن منذر أبو ساسان له صحبه، وقد نبه على وهم القابسي في ذلك عياض وأضاف إليه الأصيلي فقال‏:‏ قال القابسي ليس في البخاري بالضاد المعجمة سوى الحضين بن محمد، قال عياض‏:‏ وكذا وجدت الأصيلي قيده في أصله وهو وهم والصواب ما للجماعة بصاد مهملة ا هـ‏.‏

وما نسبه إلى الأصيلي ليس بمحقق، لأن النقطة فوق الحرف لا يتعين أن تكون من كاتب الأصل بخلاف القابسي فإنه أفصح به حتى قال أبو لبيد الوقشي‏:‏ كذا قرئ عليه، قالوا وهو خطأ والله أعلم

*3*باب الْأَقِطِ

وَقَالَ حُمَيْدٌ سَمِعْتُ أَنَسًا بَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ فَأَلْقَى التَّمْرَ وَالْأَقِطَ وَالسَّمْنَ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَنَسٍ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْسًا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الأقط‏)‏ بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن بعدها طاء مهملة، وهو جبن اللبن المستخرج زبده وقد تقدم تفسيره في ‏"‏ باب زكاة الفطر ‏"‏ وغيره‏.‏

قوله ‏(‏وقال حميد إلخ‏)‏ تقدم موصولا في ‏"‏ باب الخبز المرقق‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏وقال عمرو بن أبي عمرو عن أنس‏)‏ تقدم أيضا في الباب المذكور لكن معلقا‏.‏

وبينت الموضع الذي وصله فيه مع شرحه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَهْدَتْ خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضِبَابًا وَأَقِطًا وَلَبَنًا فَوُضِعَ الضَّبُّ عَلَى مَائِدَتِهِ فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُوضَعْ وَشَرِبَ اللَّبَنَ وَأَكَلَ الْأَقِطَ

الشرح‏:‏

ذكر طرفا من حديث ابن عباس في الضب لقوله فيه ‏"‏ أهدت خالتي ضبابا وأقطا ولبنا ‏"‏ وسيأتي شرحه في الذبائح‏.‏

*3*باب السِّلْقِ وَالشَّعِيرِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب السلق‏)‏ بكسر السين المهملة نوع من البقل معروف، فيه تحليل لسدد الكبد، ومنه صنف أسود يعقل البطن‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ إِنْ كُنَّا لَنَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تَأْخُذُ أُصُولَ السِّلْقِ فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ لَهَا فَتَجْعَلُ فِيهِ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ إِذَا صَلَّيْنَا زُرْنَاهَا فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْنَا وَكُنَّا نَفْرَحُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَمَا كُنَّا نَتَغَدَّى وَلَا نَقِيلُ إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَاللَّهِ مَا فِيهِ شَحْمٌ وَلَا وَدَكٌ

الشرح‏:‏

ذكر المصنف حديث سهل بن سعد في قصة العجوز التي كانت تصنع لهم أصول السلق في قدر يوم الجمعة، وقد تقدم شرحه في كتاب الجمعة، وأحيل بشيء منه على كتاب الاستئذان، وقد فرقه البخاري حديثين من رواية أبي غسان عن أبي حازم‏.‏

ووقع هنا من الزيادة في آخر الحديث ‏"‏ والله ما فيه شحم ولا ودك ‏"‏ وتقدم في تلك الرواية أن السلق يكون عرقه أي عوضا عن عرقه، فإن العرق بفتح العين وسكون الراء بعدها قاف العظم عليه بقية اللحم، فإن لم يكن عليه لحم فهو عراق، وقد صرح في هذه الرواية بأنه لم يكن فيه شحم ولا ودك، وهو بفتح الواو والمهملة بعدها كاف وهو الدسم وزنا ومعنى، وعطفه على الشحم من عطف الأعم على الأخص والله أعلم‏.‏

وفي الحديث ما كان السلف عليه من الاقتصاد والصبر على قلة الشيء إلى أن فتح الله تعالى لهم الفتوح العظيمة، فمنهم من تبسط في المباحات منها، ومنهم من اقتصر على الدون مع القدرة زهدا وورعا‏.‏

*3*باب النَّهْسِ وَانْتِشَالِ اللَّحْمِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب النهش وانتشال اللحم‏)‏ النهش بفتح النون وسكون الهاء بعدها شين معجمة أو مهملة، وهما بمعنى عند الأصمعي وبه جزم الجوهري، وهو القبض على اللحم بالفم وإزالته عن العظم وغيره، وقيل بالمعجمة هذا وبالمهملة تناوله بمقدم الفم، وقيل النهس بالمهملة للقبض على اللحم ونتره عند الأكل، قال شيخنا في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ الأمر فيه محمول على الإرشاد، فإنه علله بكونه أهنأ وأمرأ أي أشد هناء ومراءة، ويقال هنيء صار هنيئا ومريء صار مريئا وهو أن لا يثقل على المعدة وينهضم عنها، قال‏:‏ ولم يثبت النهي عن قطع اللحم بالسكين بل ثبت الحز من الكتف، فيختلف باختلاف اللحم كما إذا عسر نهشه بالسن قطع بالسكين، وكذا إذا لم تحضر السكين، وكذا يختلف بحسب العجلة والتأني والله أعلم‏.‏

والانتشال بالمعجمة التناول والقطع والاقتلاع، يقال نشلت اللحم من المرق أخرجته منه، ونشلت اللحم إذا أخذت بيدك عضوا فتركت ما عليه، وأكثر ما يستعمل في أخذ اللحم قبل أن ينضح، ويسمى اللحم نشيلا‏.‏

وقال الإسماعيلي‏:‏ ذكر الانتشال مع النهش، والانتشال التناول والاستخراج، ولا يسمى نهشا حتى يتناول من اللحم‏.‏

قلت‏:‏ فحاصله أن النهش بعد الانتشال، ولم يقع في شيء من الطريقين اللذين ساقهما البخاري بلفظ النهش وإنما ذكره بالمعنى حيث قال ‏"‏ تعرق كتفا ‏"‏ أي تناول اللحم الذي عليه بفمه، وهذا هو النهش كما تقدم، ولعل البخاري أشار بهذه الترجمة إلى تضعيف الحديث الذي سأذكره في الباب الذي يلي الباب الذي بعد هذا في النهي عن قطع اللحم بالسكين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ تَعَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتِفًا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَعَنْ أَيُّوبَ وَعَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْتَشَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرْقًا مِنْ قِدْرٍ فَأَكَلَ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏عن محمد‏)‏ هو ابن سيرين‏.‏

ووقع منسوبا رواية الإسماعيلي، قال ابن بطال‏:‏ لا يصح لابن سيرين، سماع من ابن عباس ولا من ابن عمر‏.‏

قلت‏:‏ سبق إلى ذلك يحيى بن معين، وكذا قال عبد الله بن أحمد عن أبيه‏:‏ لم يسمع محمد بن سيرين من ابن عباس، يقول‏:‏ بلغنا‏.‏

وقال ابن المديني قال شعبة‏:‏ أحاديث محمد بن سيرين عن عبد الله بن عباس إنما سمعها من عكرمة، لقيه أيام المختار‏.‏

قلت‏:‏ وكذا قال خالد الحذاء‏:‏ كل شيء يقول ابن سيرين ‏"‏ ثبت عن ابن عباس ‏"‏ سمعه من عكرمة ا هـ‏.‏

واعتماد البخاري في هذا المتن إنما هو على السند الثاني، وقد ذكرت أن ابن الطباع أدخل في الأول عكرمة بين ابن سيرين وابن عباس، وكأن البخاري أشار بإيراد السند الثاني إلى ما ذكرت من أن ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس قلت‏:‏ وماله في البخاري عن ابن عباس غير هذا الحديث، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق محمد بن عيسى بن الطباع عن حماد بن زيد فأدخل بين محمد بن سيرين وابن عباس عكرمة، وإنما صح عنده لمجيئه بالطريق الأخرى الثانية فأورده على الوجه الذي سمعه‏.‏

قوله ‏(‏تعرق رسول الله صلى الله عليه وسلم كتفا‏)‏ في رواية عطاء بن يسار عن ابن عباس كما تقدم في الطهارة ‏"‏ أكل كتفا ‏"‏ وعند مسلم من طريق محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن عباس ‏"‏ أتى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية خبز ولحم فأكل ثلاث لقم ‏"‏ الحديث، فأفادت تعيين جهة اللحم ومقدار ما أكل منه‏.‏

قوله ‏(‏وعن أيوب‏)‏ هو معطوف على السند الذي قبله، وأخطأ من زعم أنه معلق‏.‏

وقد أورده أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من طريق الفضل بن الحباب عن الحجبي وهو عبد الله بن عبد الوهاب شيخ البخاري فيه بالسند المذكور، حاصله أن الحديث عند حماد بن زيد عن أيوب بسندين على لفظين‏:‏ أحدها عن ابن سيرين باللفظ الأول، والثاني عنه عن عكرمة وعاصم الأحول باللفظ الثاني، ومفاد الحديثين واحد وهو ترك إيجاب الوضوء مما مست النار، قال الإسماعيلي‏:‏ وصله إبراهيم بن زياد وأحمد بن إبراهيم الموصلي وعارم ويحيى بن غيلان والحوضي كلهم عن حماد بن زيد، وأرسله محمد بن عبيد بن حساب فلم يذكر فيه ابن عباس‏.‏

قلت‏:‏ ووصله صحيح اتفاقا لأنهم أكثر وأحفظ وقد وصلوا وأرسل فالحكم لهم عليه، وقد وصله آخرون غير من سمي عن حماد بن زيد، والله أعلم

*3*باب تَعَرُّقِ الْعَضُدِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب تعرق العضد‏)‏ مضى تفسير التعرق، وأما العضد فهو العظم الذي بين الكتف والمرفق‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلٌ أَمَامَنَا وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي فَلَمْ يُؤْذِنُونِي لَهُ وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقَالُوا لَا وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِي فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا حَتَّى تَعَرَّقَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مِثْلَهُ

الشرح‏:‏

ذكر المصنف حديث أبي قتادة في قصة الحمار الوحشي، وقد مضى شرحه مستوفى في كتاب الحج‏.‏

وأبو حازم المدني في إسناده هو سلمة بن دينار صاحب سهل بن سعد، ومراده منه قوله في آخره ‏"‏ فناولته العضد فأكلها حتى تعرقها ‏"‏ أي حتى لم يبق على عظمها لحما‏.‏

وقوله في آخره ‏"‏ قال محمد بن جعفر وحدثني زيد بن أسلم ‏"‏ هو معطوف على السند الذي قبله‏.‏

والحاصل أن لمحمد بن جعفر - أي ابن أبي كثير شيخ شيخ البخاري - فيه إسنادين، ووقع للنسفي والأكثر ‏"‏ قال ابن جعفر ‏"‏ غير مسمى‏.‏

وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني ‏"‏ قال أبو جعفر ‏"‏ فإن كان محمد بن جعفر يكنى أبا جعفر صحت رواية الكشمهيني، وإلا فهو ابن لا أب‏.‏

والله أعلم

*3*باب قَطْعِ اللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب قطع اللحم بالسكين‏)‏ ذكر فيه حديث عمرو بن أمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة الحديث وقد تقدم مشروحا في كتاب الطهارة ،

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِي يَدِهِ فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِي يَحْتَزُّ بِهَا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

الشرح‏:‏

حديث عمرو بن أمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة الحديث وقد تقدم مشروحا في كتاب الطهارة، ومعنى يحتز يقطع‏.‏

و أخرج أصحاب السنن الثلاثة من حديث المغيرة بن شعبة ‏"‏ بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يجز لي من جنب حتى أذن بلال، فطرح السكين‏.‏

وقال‏:‏ ماله تربت يداه‏؟‏ قال ابن بطال‏:‏ هذا الحديث يرد حديث أبي معشر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رفعته ‏"‏ لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم، وانهشوه فإنه أهنأ وأمرأ ‏"‏ قال أبو داود‏:‏ وهو حديث ليس بالقوى‏.‏

قلت‏:‏ له شاهد من حديث صفوان بن أمية أخرجه الترمذي بلفظ ‏"‏ انهشوا اللحم نهشا فإنه أهنأ وأمرأ ‏"‏ وقال لا نعرفه إلا من حديث عبد الكريم ا هـ‏.‏

وعبد الكريم هو أبو أمية بن أبي المخارق ضعيف، لكن أخرجه ابن أبي عاصم من وجه آخر عن صفوان بن أمية فهو حسن، لكن ليس فيه ما زاده أبو معشر من التصريح بالنهي عن قطع اللحم بالسكين وأكثر ما في حديث صفوان أن النهش أولى، وقد وقع في أول حديث الشفاعة الطويل الماضي في التفسير من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة ‏"‏ أتي النبي صلى الله عليه وسلم بلحم الذراع فنهش منها نهشة ‏"‏ الحديث‏.‏

*3*باب مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما‏)‏ أي مباحا، أما الحرام فكان يعيبه ويذمه وينهي عنه، وذهب بعضهم إلى أن العيب إن كان من جهة الخلقة كره وإن كان من جهة الصنعة لم يكره، قال‏:‏ لأن صنعة الله لا تعاب وصنعة الآدميين تعاب‏.‏

قلت‏:‏ والذي يظهر التعميم، فإن فيه كسر قلب الصانع، قال النووي‏:‏ من آداب الطعام المتأكدة أن لا يعاب، كقوله مالح حامض قليل الملح غليظ رقيق غير ناضج ونحو ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَا عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ إِنْ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏عن أبي حازم‏)‏ هو الأشجعي وللأعمش فيه شيخ آخر أخرجه مسلم من طريق أبي معاوية عنه عن أبي يحيى مولى جعدة عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا من طريق أبي معاوية وجماعة عن الأعمش عن أبي حازم، واقتصر البخاري عن أبي حازم لكونه عن شرطه دون أبي يحيى، وأبو يحيى مولى جعدة بن هبيرة المخزومي مدني ماله عند مسلم سوى هذا الحديث، وقد أشار أبو بكر بن أبي شيبة فيما رواه ابن ماجه عنه إلى أن أبا معاوية تفرد بقوله ‏"‏ عن الأعمش عن أبي يحيى ‏"‏ فقال لما أورده من طريقه يخالفه فيه بقوله عن أبي حازم، وذكره الدار قطني فيما انتقد على مسلم، وأجاب عياض بأنه من الأحاديث المعللة التي ذكر مسلم في خطبة كتابه أنه يوردها ويبين علتها، كذا قال، والتحقيق أن هذا لا علة فيه لرواية أبي معاوية الوجهين جميعا، وإنما كان يأتي هذا لو اقتصر على أبي يحيى فيكون حينئذ شاذا، أما بعد أن وافق الجماعة على أبي حازم فتكون زيادة محضة حفظها أبو معاوية دون بقية أصحاب الأعمش؛ وهو من أحفظهم عنه فيقبل، والله أعلم‏.‏

قوله ‏(‏وإن كرهه تركه‏)‏ يعني مثل ما وقع له في الضب، ووقع في رواية أبي يحيى ‏"‏ وإن لم يشتهه سكت ‏"‏ أي عن عيبه، قال ابن بطال‏:‏ هذا من حسن الأدب، لأن المرء قد لا يشتهي الشيء ويشتهيه غيره، وكل مأذون في أكله من قبل الشرع ليس فيه عيب‏.‏

*3*باب النَّفْخِ فِي الشَّعِيرِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب النفخ في الشعير‏)‏ أي بعد طحنه لتطير منه قشوره وكأنه نبه بهذه الترجمة على أن النهي عن النفخ في الطعام خاص بالطعام المطبوخ‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَهْلًا هَلْ رَأَيْتُمْ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّقِيَّ قَالَ لَا فَقُلْتُ فَهَلْ كُنْتُمْ تَنْخُلُونَ الشَّعِيرَ قَالَ لَا وَلَكِنْ كُنَّا نَنْفُخُهُ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏أبو غسان‏)‏ هو محمد بن مطرف، وأبو حازم هو سلمة بن دينار وهو غير الذي قبله وهو أصغر منه وإن اشتركا في كون كل منهما تابعيا‏.‏

قوله ‏(‏النقي‏)‏ بفتح النون أي خبز الدقيق الحواري وهو النظيف الأبيض، وفي حديث البعث ‏"‏ يحشر الناس على أرض عفراء كقرصة النقي ‏"‏ وذكره في الباب الذي بعده من وجه آخر عن أبي حازم أتم منه‏.‏

قوله ‏(‏قال لا‏)‏ هو موافق لحديث أنس المتقدم ‏"‏ ما رأى مرققا قط‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فهل كنتم تنخلون الشعير‏)‏ أي بعد طحنه‏.‏

قوله ‏(‏ولكن كنا ننفخه‏)‏ ذكره في الباب الذي بعده بلفظ ‏"‏ هل كانت لكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مناخل‏؟‏ قال‏:‏ ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم منخلا من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله تعالى ‏"‏ وأظنه احترز عما قبل البعثة لكونه صلى الله عليه وسلم كان سافر في تلك المدة إلى الشام تاجرا وكانت الشام إذ ذاك مع الروم، والخبز النقي عندهم كثير، وكذا المناخل وغيرها من آلات الترفه، فلا ريب أنه رأى ذلك عندهم، فأما بعد البعثة فلم يكن إلا بمكة والطائف والمدينة، ووصل إلى تبوك وهي من أطراف الشام لكن لم يفتحها ولا طالت إقامته بها، وقول الكرماني‏:‏ نخلت الدقيق أي غربلته، الأولى أن يقول‏:‏ أي أخرجت منه النخالة‏.‏

*3*باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون‏)‏ أي في زمانه صلى الله عليه وسلم، وذكر فيه ستة أحاديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ تَمْرًا فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَانِي سَبْعَ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ تَمْرَةٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْهَا شَدَّتْ فِي مَضَاغِي

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في قسمة التمر، سيأتي شرحه في باب بعد ‏"‏ باب القثاء والرطب ‏"‏ وقوله في هذه الرواية ‏"‏ شدت من مضاغي ‏"‏ بفتح الميم وقد تكسر وتخفيف الضاد المعجمة وبعد الألف غين معجمة هو ما يمضغ أو هو المضغ نفسه ومراده أنها كانت فيها قوة عند مضغها فطال مضغه لها كالعلك، وسيأتي بعد أبواب بلفظ ‏"‏ هي أشدهن لضرسي‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ أَوْ الْحَبَلَةِ حَتَّى يَضَعَ أَحَدُنَا مَا تَضَعُ الشَّاةُ ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ خَسِرْتُ إِذًا وَضَلَّ سَعْيِي

الشرح‏:‏

حديث إسماعيل وهو ابن خالد عن قيس وهو ابن أبي حازم عن سعد وهو ابن أبي وقاص، ووقع في شرح ابن بطال وتبعه ابن المقن ‏"‏ عن قيس بن سعد عن أبيه ‏"‏ كأنه توهمه قيس بن سعد بن عيادة، وهو غلط فاحش، فقد مضى الحديث في مناقب سعد من طريق وهو ابن أبي حازم ‏"‏ سمعت سعدا ‏"‏ ووقع في رواية مسلم عن قيس ‏"‏ سمعت سعد بن أبي وقاص‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ هذا فيه إشارة إلى قدم إسلامه، وقد تقدم بيان ذلك في مناقبه من كتاب المناقب، ووقع عند ابن أبي خيثمة أن السبعة المذكورين أبو بكر وعثمان وعلي وزيد ابن حارثة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، وكان إسلام الأربعة بدعاء أبي بكر لهم إلى الإسلام في أوائل البعثة، وأما علي وزيد بن حارثة فأسلما مع النبي صلى الله عليه وسلم أول ما بعث‏.‏

قوله ‏(‏إلا ورق الحبلة أو الحبلة‏)‏ الأول بفتح المهملة وسكون الموحدة، والثاني بضمهما وقيل غير ذلك، والمراد به ثمر العضاه وثمر السمر، وهو يشبه اللوبيا، وقيل المراد عروق الشجر وسيأتي بسطه في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَقُلْتُ هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّقِيَّ فَقَالَ سَهْلٌ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّقِيَّ مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ قَالَ فَقُلْتُ هَلْ كَانَتْ لَكُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَاخِلُ قَالَ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْخُلًا مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ قَالَ كُنَّا نَطْحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ فَيَطِيرُ مَا طَارَ وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْنَاهُ فَأَكَلْنَاهُ

الشرح‏:‏

حديث سهل في النقي والمناخل، تقدم في الباب الذي قبله، وقوله في آخره ‏"‏ وما بقي ثريناه ‏"‏ بمثلثة وراء ثقيلة أي بللناه بالماء‏.‏

قوله ‏(‏فأكلناه‏)‏ يحتمل أن يريد أكلوه بغير عجن ولا خبز، ويحتمل أنه أشار بذلك إلى عجنه بعد البل وخبزه ثم أكله‏.‏

والمنخل من الأدوات التي جاءت بضم أولها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ فَدَعَوْهُ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ وَقَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة أنه ‏"‏ مر بقوم بين أيديهم شاة مصلية ‏"‏ أي مشوية، والصلاء بالكسر والمد الشي‏.‏

قوله ‏(‏فدعوه فأبى أن يأكل‏)‏ ليس هذا من ترك إجابة الدعوة لأنه في الوليمة لا في كل الطعام، وكأن أبا هريرة استحضر حينئذ ما كان النبي صلى الله عليه وسلم فيه من شدة العيش فزهد في أكل الشاة ولذلك قال ‏"‏ خرج ولم يشبع من خبز الشعير ‏"‏ وقد مضت الإشارة إلى ذلك في أول الأطعمة، ويأتي مزيد له في كتاب الرقاق‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَا أَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَانٍ وَلَا فِي سُكْرُجَةٍ وَلَا خُبِزَ لَهُ مُرَقَّقٌ قُلْتُ لِقَتَادَةَ عَلَامَ يَأْكُلُونَ قَالَ عَلَى السُّفَرِ

الشرح‏:‏

حديث أنس في الخوان والسكرجة، تقدم شرحه قريبا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ الْبُرِّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ

الشرح‏:‏

حديث عائشة في طعام البر، تقدمت الإشارة إليه في أول الأطعمة، ويأتي في الرقاق أيضا إن شاء الله تعالى‏.‏

*3*باب التَّلْبِينَةِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب التلبينة‏)‏ بفتح المثناة وسكون اللام كسر الموحدة بعدها تحتانية ساكنة ثم نون‏:‏ طعام يتخذ من دقيق أو نخالة وربما جعل فيها عسل، سميت بذلك لشبهها باللبن في البياض والرقة، والنافع منه ما كان رقيقا نضيجا لا غليظا نيئا‏.‏

وقوله ‏"‏مجمة ‏"‏ بفتح الجيم والميم الثقيلة أي مكان الاستراحة، ورويت بضم الميم أي مريحة، والجمام بكسر الجيم الراحة، وجم الفرس إذا ذهب إعياؤه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ كُلْنَ مِنْهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ

الشرح‏:‏

سيأتي شرح حديث عائشة في كتاب الطب إن شاء الله تعالى‏.‏

*3*باب الثَّرِيدِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الثريد‏)‏ بفتح المثلثة وكسر الراء معروف وهو أن يثرد الخبر بمرق اللحم، وقد يكون معه اللحم، ومن أمثالهم الثريد أحد اللحمين ‏"‏ وربما كان أنفع وأقوى من نفس اللحم النضيج إذا ثرد بمرقته‏.‏

وذكر المصنف فيه ثلاثة أحاديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى في فضل عائشة، قد تقدم في المناقب وفي أحاديث الأنبياء في ترجمة موسى عليه السلام عند ذكر امرأة فرعون وفي ترجمة مريم‏.‏

والجملي في إسناد حديث أبي موسى بفتح الجيم وتخفيف الميم نسبة إلى بني جمل حي من مراد، وقد تقدم شرح الحديث هناك، وتقرير فضل الثريد، وورد فيه أخص من هذا‏:‏ فعند أحمد من حديث أبي هريرة ‏"‏ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة في السحور والثريد ‏"‏ وفي سنده ضعف، وللطبراني من حديث سلمان رفعه ‏"‏ البركة في ثلاثة‏:‏ الجماعة والسحور والثريد‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي طُوَالَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ

الشرح‏:‏

حديث أنس في فضل عائشة، قد تقدم في المناقب وفي أحاديث الأنبياء وأبو طوالة في حديث أنس هو عبد الله بن عبد الرحمن بن حرم، ورعم عياض أنه وقع في رواية أبي ذر هنا ‏"‏ عن ابن أبي طوالة ‏"‏ وهو خطأ ولم أره في النسخة التي عندنا من طريق أبي ذر إلا على الصواب، وذكر القابسي ‏"‏ حدثنا خالد بن عبد الله بن أبي طوالة ‏"‏ وهو تصحيف، وإنما هو ‏"‏ عن أبي طوالة‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا حَاتِمٍ الْأَشْهَلَ بْنَ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غُلَامٍ لَهُ خَيَّاطٍ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ قَصْعَةً فِيهَا ثَرِيدٌ قَالَ وَأَقْبَلَ عَلَى عَمَلِهِ قَالَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ قَالَ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُهُ فَأَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ فَمَا زِلْتُ بَعْدُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ

الشرح‏:‏

حديث أنس في الخياط‏.‏

قوله ‏(‏سمع أبا حاتم‏)‏ هو أشهل بن حاتم البصري، ووقع في نسخه الصغاني تسميته وتسمية أبيه في الأصل وفي نسخة حدثنا أشهل بن حاتم، وابن عون هو عبد الله‏.‏

قوله ‏(‏على غلام له خياط‏)‏ تقدم أنه لم يسم، وتقدم شرح الحديث في ‏"‏ باب من تتبع حوالي القصعة‏"‏